رد: رواية ورود في مزبلة الواقع....رواية قمة لا تفوتوها... *& ..الفصل الثاني ..*&
*& .. الجــ الاول ـــزء .. &*&
اشعه الشمس القويه ..داخله من فتحت التكييف القديم ..
على عيونها مباشره ..
تاففت وغطت وجهها .. بالبطانه الثقيله ..
حــــــــر ..
حـــــــــــــــــر ..
مكيف صحرواي .. مايشتغل الا على المروحه ..
وتجي له ايام مايشتغل ابدا ..
بطانيه خشنه ثقيله .. تتغطاء فيها ..
رفعت الغطاء عن وجهها وهي عرقانه وقرفانه : آآآآآف بموت من الحر ..
التفت للجدار اللي بجنبها .. وكان صرصور متوسط الحجم يمشي عليه براحته ..
زحفت بهدوء لاخر مفرشي واخذت الجزمه و اتبسمت بخبث : هااا يالملعون تتمشى .. – سمت بالله بهمس - بسم الله ..
ضربته بقوه بالجزمه ..ورمتها بعيد ..
عادي الصرصور حشره نظيفه اليفه بهذا المكان المتعوده عليه ..
تمدت وهي مبتسمه : ياللــــــــه صباح الخير ..
مدت ايدها قريب من فراشـها و فتحت شنطتها السوداء الوحيده اللي ماتفارقها بالبيت وعند البسطه ..
دورت على جوالها في الحوسه الكثيره بداخل الشنطه ..
.. طلعت جوال " العنيد " .. اقدم اجهزة نوكيـا هذا اللي تقدر عليه وهـذا اللي تقدر تشتريه ..
.. ناظرت بساعه الجوال الساعه 6 ونص .. بدري على الجامعه ..
عقدت حواجبها وتذكرت اليوم مافيـه جامعه اليوم الخميـس ..
آآآآه الخميـــس .. ياحلوه ..
بس تسمع حد يقول الخميس تنطرب اذنها ..
يعنــي اليوم الساعه وحده بالليل جمعت حريم الحاره للفجـر .. ينوموا بزارينهم ويجتمعوا ..
سواليف وحكـي زايــد ياااحلوه من يوم ..
رفعت صوتها بحماس وهي مبتسمه : ياليـت كل الايام خميس ..
ضلت على فراشها حوالي ربـع ساعـه .. فاهيـه
.. وهذا طبعها .. تفهــي دائيم ..
انتبهت من تفهيهـا ودخلت ايدها لشنطـه ..طلعت الخاتم الغالي على قلبها .. من امها ..
ناظرته و ابتسمت .. : صباااااح الخير يمه .. اليوم انا متفائله واحسه حلو .. ادعي لي ..
رجعته لشنطه وهي تشتاق تطلعه وتناظره من جديد ..
وقفت بنشاط و دخلت للحمام توضت وصلــت ..
وقبل ماتسلم من صلاتها .. كان الباب يندق بهدوء .. وصوت ام حمزه المزعج للاذن بسبب ارتفاعه الطبيعي .. صوتها جهوري ..: يارحــاب الله يهديس لهالحين نواامه قومي لاتتاخري على البسطه ...
سلمت وردت وهي ترفـع سجادتها من الارض : أن شاء الله ..
(( الحمدلله والشكـر السعودي عندها مظروب .. نواامه .. بالله أي لغـه هذي ههههههه ..يـا حليلها ام حمزه اذا كانت رايقـه عسل .. اما اذا معصبه .. اعـــوذ بالله ..))
طلعت من غرفتها بدون غطاء او شـي لان بو حمزه هذا الوقت بدوامـه ..: صباح الخيــر ..
ام حمزه ناظرتها فتره بتفكير ..
ماتدري ليه تتنرفز من رحـاب مع انها بنت اخـلاقها عاليـه وحنونه على عيالها ..
وتهتـم بالبسطـه والبيـع ..
من سنتيـن وهي عندها وترحمهـا كثيـر ..مهما تهاوشوا وصارت خلااافات ترجع الامور تهداء بينهم ..
اللي تعرفه عن رحاب قليل لان رحـاب ماتحب تحكي عن نفسها كثير .. تحب تسمع ..
حست ان سبب نرفزتها .. جمال رحاب وصغر سنها .. هي غيره فطريه فيها حتى لو كانت تعدت الاربعين .. ..
رحاب اشرت لام حمزه : هيــه اام حمزه .. ام حمــــــزه ..
انتبهت ام حمزه ورمشت عيونها بسرعـه وراء بعض ..: هـا .. تحاتسيني ..
رحـاب جلست على الارض بالصاله المتواضـعه :لاااا الجدار .. ايوه احاكيك .. وين سرحتي فيه ..؟! .. حاصل معك شي ..
العيال فيهم شي .. المغضووب عليه زوجـك حصله شي بشغـله ..
ام حمزه صدمت رحاب بتفكيرها لما قالت وهي تدقق بملامحها اكثر : افكـر فيتس ..
رحاب استغربت وخافت ..: فينــي ...!!! ... وش الطاري ليكون بتقبضيني الباب ..
ام حمزه بسرعـه : لااا انهبلت ومن بيمسك البيت والبسطه عني ..
رحاب ابتسمت : ايوه لمصلحتك مو لعيوني ..
ام حمزه : ماعلينا - بهدوء - ماودتس تحكين لي عن حياتس وش اللي حصل لتس ..
رحاب كعادتها صرفت الموضوع وغيرته : الله يهداك على بالي العيال صار لهم شي ..
الا مادريتي عن حصيصه رجلها مايطلع من البيت لشغله مادري وش عنده .. ليكون مريـض ..
عقبــال رجلك ..
ام حمزه بعصبيه : لااا تدعين عليه جعلتس المرض .. احمدي ربتس اني ضافتس عندي لو فيتس خير حصلـي مكان يملتس غيري ..
رحاب قالت بسرعه : لااا كانك ماتاخذي مكافئتي اول ماتوصل ..
ام حمزه باستهزاء : يااقلبي مكافائتس .. كلها الف ريال وماتوصل الا بعد كمن شهر متراكمه وياليت كامله بعد ساحبين نصها ..
.. لوتروحي لاي مكان مايصبر عليتس .. لـكن لو الله ثم بو حمزه اللي تدعي عليه ماجلستي هنا ..
رحاب كانت متوقعه جمله ام حمزه المعهوده .. عوجت فمها وهي تتثاوب وتتمدد : ابروح للبسطه ابرك من مقابل وجهك .. خايفه على بعلك ماكانه شبيه كوفي عنان ..
ام حمزه ابتسمت : والله ا ن بو حمزه ازين .. روووحـي وأنتبهي للبسطه مو تقشتس البلديه مثل ماخذتس منها ..
رحاب وقفت وهي متعوده على نقاشاتها مع ام حمزه القشره : خذيتيني من الشرطـه ياحضي مو البلديه ..
ام حمزه : كلهم واحـد .. حكومه ..
دخلت رحاب لغرفتها وعلى الحمام وهي تمد لسانها (( وش يعلمها هذي ..؟! .. بلديه والا شرطه .. حدها بسطتها ))
تروشت ولبست روب كحـلي طويل وخفيف .. لان الجو حار والشمس قويـه ..
طلعت ..و لبست عبايتها وهي عند باب البيت : يله بطلع تبين شي ..
ام حمزه وهي متمدده بالصاله ومغمضه عيونهــا : لااا ..
طلعت وهي تتثاوب ماشبعت نوم كثير .. وشكل ام حمزه المسترخي اغراها تنام ...
اول مافتحت الباب .. النوم طاارمن عيونها .. لان أشعة الشمس القويـه .. بوجهها ...
الحـي كـان قديـم مره ..
البيوت صغيره من جبس وخشب .. ماتتعدى الدور الواحد ..
الاسلاك السوداء على الجدران .. ممتمده من بيت لبيت ..
والازعـاج مالي المكان ..
حركــه دائمه مستمره ..
حاره شوارعها تنبض بالحياه البسيطه ..
ناظرت رحاب بجاراتهم وهم يطلعوا لبسطتهم ..
اللكل يطلع يدور رزقـه بظروف الحياه الصعبه..
ناظرت برجلها وجزمتها المليانه طيـن ..وقذاره من طريق البيت لسوق ..
مـافي حد ذاق طعم الحرمان مثلها ..
مــافي بنت حست بالنقص كثرها هي ..
ماتعرف الاستقرار بحياتها وهي وحيـده ..
اخذتها الحيـاه بصراعتها لوحدها ..
كل انسـان له ظروف ومشاكل مافيه حد خالي ..
ومثل ماقال ربنا عزوجل بسوره البلد .. " خلقنا الانسـن في كبد " ..
في شقاء وعناء بظروفنا المختلفه ..
لكن حنا ممكن نواجـه ظروفنا وقسوتها .. لان عندنا من يساندنا ..
عارفين ان في حد يحبنا ويخاف علينا ..
يقوينا ..ويمدنا بالامـان ..
حولنا امنا .. او ابونـا ..
اختنا او اخونــا ..
واذا ماكان فيه هذولاء ..
عندنا خالاااات او عماتك .. او جده وجد ..
ويمكن ولد عم جدنا نلجاء له اذا ضاقت علينا ..
لـكن هي ماعندها كل هـذا ..
محرومه من هالايادي المفتوحــه لها ..
تواجـــه الفقر لوحدهــا ..
لا أب يصرف عليها ..
ولا أم تشيل عنها ..
تتمنى يكون عندها لو ..ولد عم جدها .. تروح عنده ..
أي حـد بس تعرف مين اهلها وترمي عليهم حملها ..
جلست بعد مارتبت بسطتها ..: يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم ..
اشرت لها اللي قبالها ببسطتها
حصـه : صبــاح الخير ..
رفعت ايدها وحـركت شفايفها التوت من حمرتهم .. : صبـاح النور حصيصه ..
جلست قبال البسطه .. وهـي فاهيه كذا طبيعتها تفهي شوي وترجـع ..
انتبهت ورفعت عيونها على اللي رايح وجائــي وطبعا حب الاستطلاااع واللقافه اللي تمشي بدمها ..
ماتركتها تجلس مكانها ..
وقفت وهي مبتسمه بخبث ..
مرت على كل وحده من البيعات خوياتها وسالتهم اسئلتها الحشريه ..
ينادونها بـالسوق .. بـ " علك بوطقتين .."
لانها تلزق بالواحد مثل العلك وماتفك الا لما تعرف الحكايـه ..^_^
حصه تاففت من رحاب اللي واقفه قريب منها وتسالها باسئله مالها دخل فيهـا ..
رحاب باصرار وفضول الا تعرف ليه زوج حصيصه مايطلع لدوام مثل قبل ..: يلـه عاد حصيصه وش فيه بو علي مايطلـع .. تعبــان ..
حصه تاففت وهي تصفط بيجامه : قلتلتس مافيه شي .. بس كذا ماله مزاج يطلع ..
رحاب ناظرت حصه بتمعن وهي تساعدها بترتيب اغراض البسطه ..... : وش دعـوه ماله مزاج هـذا شغل مو لعبـه .. لااا بو علي فيه شي .. من متى وهو يمشي على مزاجـه ..
حصه سحبت من ايد رحاب السجاده اللي ترتبها .. : عاد والله هذا اللي صار ..
رحاب ماهي مقتنعه بجواب حصه ..سحبتها منها السجاده ورتبتها : ماعليك منه بس واغصبيه يداوم وش هالخرابيط ماله خلق هذا رزق ..
حصه طفشت منها قالت بتاكيـد علشان ترتاح منها : اكيـــد ..مراح اسكت له وبيداوم قريـب ..
رحاب : ايوه كذا احسن له وانا اختك .. والله اني خفت ضنيته مريض ..
حصـه بسرعه : لااا مريـض .. بسم الله على رجلـي ..الله يحفظه لي ولعييله " عياله " ..
رحاب بدون نفس : امين ...- بحماس – يعنـي اليوم بتحضري جمعه الحريم والا ...
حصه شهقت : لااا اكيد ماني بحاضره ..
(( مهبوله انا علشان مايفكني من لسانك الحشري شي .. والله لاتطلعي قراري قدام النسوان "
رحاب بخيبه امل : ليه... تعالي وغيري جو .. كلنا مجتمعين ..
حصه (( علشان تصير فضيحتي بجلاجل )) : لااا ماقدر وراي جرد لبسطتي ..
رحاب زاد فضولها ليه ماتبغى تجي للجمعـه .. قالت ببساطه : الله والبسطه محلات جمجوم على غفله ..
حصه : وش جموجومه هـذا ..
رحاب : واحد عنده كم محل عطور وملابس داخليه ماعلي منه واسمعي اتركي جردك لبكره .. وانا بساعدك فيه ..
حصه باصرار : لااا مره ثانيـه .. مشغــــوله ..
رحاب (( اذا ماطلعت خبر بو علي ماكون رحووبه ..)) : خلاااص براحتك ..الا علـي وش اخباره بالمدرسه يقول حمزه انـه ياخذ دروس تقويه بالاملاء صحيح ..؟!
حصه بتنتف شعرها من العلك اللي ناشبه فيها اليوم ..وش يفكها من رحـاب هاللحين ..
ضلت رحاب على راس حصه لحد ماطلعت قرارها وتركتها لان زبونه جاءت لبسطتها ..
رحاب اشرت على الحناء : هـذا بعشرين ريال ..
الزبونه : اصلـي ..
رحاب : اكيـد ياخاله ناظريه كويس ..زين لشعر ..
الزبونه : عطيني اثنين منه ..
رحاب حطت لها بكيس واخذت الاربعين ريال .. كانت بترجع لعند حصه ..
بس حصه قامت من بسطتها لعند البوفيه القريبه ..
(( لااااا ماني برايحـه هاللحين بتفكرني ابغى من اكلها مثل هذيك المره ..
آآآه ياحلو ريحه الفلافل بالطحينيه ..
يممم اموت فيه .. بس باربعه ريال وين ادبرهم هذولي ..
والله لاتغسل شراعي ام حمزه لو ااخذت منها ..))
نزلت عيونها عن البوفيه وحاولت تطنش الريحه اللي تطلع اصوات من بطنها ..
جوعانه مافطرت ولا اكلت شي ..
ياشين الحاجه والحرمان ..
حتى ابسط الارقام ماهو متوفر عندهــا ..
اربعـه ريااال ..
اربعـــــــه ..
ماتملكه .. كل اللي تملكه ملابسها اللي عليها وشنطتها ..
وكم خرقه بالبيت تلبسهم للجامعه ..
ببلاد الخيــر و البترول.. ماتملك فطورها ..
بلعت ريقها بالم .. احساس الحرمان يرجع لجسمها الضعيف من جديد ..
وهي في لحضه مرت عليها بدون ماتحس بالحرمان ..
ارجعـت فيها ذاكرتها .. لبعيد .. لسنوااات بعيده عن هنا ..
لما كانـت بدار الرعايه الاجتماعيـه ..
هي وكل اللي مثل حالتها مهما اختلفت الطرق اللي وصلوها لدار ..
تذكرت بعد اول زواج جماعي يعملوه الدار وهي تحضره ..
كان يوم حلو بنظرها .. لعبت وخذت راحتها بعيـد عن رقابه مريم .. المسئوله عنهم ..
كانت تزعل من مريم وتتضايق منها بمعاملتها القاسيه معهم وكانهم عبيـد مو اطفال .. وكانت دايم تسال
(( ليه تصير امنا دامها ماتبي ...؟! ))
لـكن هاللحين لما كبرت فهمت ..
وعذرتها ...
مريم كانت مساؤله عن 65 طفل ..
بقليل من العاملات السعوديات معها يعني بتكون بضغط وتوتر مستمر ..
65 طفــل باحتياجاتهم ونفسيتهم المختلفه .. والله ثقيله ..
وماتنسى رحمتها وحنانها لبشاير لان رجلها ضعيفه وكانت تجلس على كرسي ..
ابتسمت وقلبها دق بسرعه وهي تـذكر خواتها الروحانين .. اللي كانت تضمهم غرفه وحـده ..
يلعبوا
يضحكوا
يبكوا
يعصبوا
يتهاوشوا سوا ..
كانت علاقتهم قويه ومترابطه ...
ماتنسى هـذاك اليوم اللي ودعت فيه سديم .. وهم تقريبا اثنى عشر سنـه .. اولى مرره بتفرقوا ..
اول وحده فيهم تبعـد .. اول وحـده تعيش بعيد عن حياه النظام الزايد بالدار ..
اول وحـده تمسك ايد حنونه وصدر دافـي ..
سديم اللي كانت اقرب وحده لها .. بتروح بتتركها ..
بعد 12 سنه من الاخوه البرياءه ..
اصعب موقف عاشته ..
واول كف اخذته بحياتها ..
جائت المراءه اللي اسمها " هناء " واخذتها منهم ...
رحاب مانستها تذكرها ..
لانها من قبل سنتين اعطت لسديم فلوس كثير واكلتها اللي تبغااه ..
وكانت تزورهم طوال هالسنتين ومعها العاب لسديم وملابس جديده ..
مثل اللي كفلتها ..
لانها حاولت مع مريم تاخذ سديم لعندها تربيها لكن اجراءت ممله اخرتهم سنتين ..
وكان واضح اهتمام هناء الشديد بسديم ..
والدليل مظهر سديم الانيق اللي يختلف عن بااقي البنات الاربعه بالغرفه ..
ملابسها من ادمز .. ولها اللوان هاديه مميزه .. حتى قماشها ناعم .. مثل فراشها الناعم المختلف عنهم ..
ياما حسدوها وماكلموها علشان عندها احسن منهم .. وهي كانت تشاركهم فرحتها وتعطيهم ..
ضمت رحـــاب .. سديم بكــل قوتها وبكت دم بدل الدمع : لااا لاتتركينا سديم .. حنا نحبك ..
وربي نحبـك ..
بنعطيك كل العابنا ومرااح نقولك ياولد بس لاتروحي معها ..
لاتروحـي مع هـذي ..- مدت دفتر بايدها ودخلت اوراق كثير بشنطه سديم – خـذي كل اسراري بس اجلسي معنا ..
اضربينا مثل ماتبغي بس لااا لاتروحي ..
سديم شهقت وهي تشـد الضم على رحاب ..
لفت على هناء امها الجديده اللي كفلتها بتربيتها ورعايتها ..: مـاما هناء ينفع نروح معك كلنا ..
انا وشجن ورحاب وبشاير وفجر ..
هناء اللي كانت واقفه بجسمها الرشيق وملابسها الانيقه ..
والمنديل على عيونها تمسح دموعها من الحب اللي بين هذولاء الاطفال القريبات من سن المراهقه ..
: لااا ياماما ماينفع ..
سديم بحماس وهي ممسكه رحـاب : بس انتي تقولي بيتك كبيـر مرره .. خذيهم معنا ..
رحاب ارفعت اصبعها بحماس : والله مانعمل ازعاج .. والله ..
هناء قلبها المها عليهم .. وتوهقت وش اللي تقـدر تعمله .. ناظرت بمريم تنقذها ..
مريم ولاول مره يبان الحزن والحنان بعيونها ولاول مرره يشوفوها متاثره كـذا ..
حطت ايديه الثنين على أكتاف سديم ورحاب اللي متعلقات ببعض ..: اسمعوني كويس ..
اذا كنتوا تحبوا سديم جد اتركوها تروح ..
رحاب بانفعال ماهي مستوعبه حكـي مريم : كيـف نحبها ونتركها ..
مريم ابتسمت بهدوء : انا اقوولك هناك في احـد بيهتم بسديم بيحبها ويلعبها ..
وماما هناء بتكون مثل امهـا واكثـر .. وانتم تبغوا لسديم تنبسط وترتاح صـح..
عقولهم الصغيره استوعبت شوي من حكـي مريم .. بس ماقدروا يتركوا سديم ..
كيـف وهي اخوهم .. اللي تدافع عنهم .. وتخاف عليهم ..
مريم كملت وهي تناظر برحاب نظره لايمكـن تنساها ..
كانت مليانه امل وحب ..: وانتي يارحاب .. بيجي من ياخذك وتعيشي مع عائله تحبك ..
عائــله ..
كانت كلمه اول مره تسمعها بالدار ..
تقرائها كثيـر بكتابها القراءه لكن ماتستوعبها .." عائلـه احمد ..عائلـه هنـد ..
العائلـه مجتمعه .. الاسره تسمـر "..
يعني ايش كـل هذا ..
يعني ام واب واخوان ..
يعني بيت .. وغرفه خاصه ..
عقلها مايستوعب كل هذا ولااا يفهمه ..
تحسه كلااام على الفاضي ..
خيـال ماله وجود بالوااقـع ...
بعـدت عن سديم وقفت دموعها .. بعد ماسمعت هناء تقولها : يله ماما سديـم بابا ينتظرنا بالسياره ..
بـابـا ..
يعني سديم عندها مـاما وبابا ..
يعني عائـله ..
يعني بتصير مثل غـاده المغروره اللي عندها عائـله وسياره وباربي ..
بعـدت عن سديم بعـيد ..
وقفت عند عامود كبير بعيـد عنهم ..
سديـم خلاااص راحـت ومافيه رجعه ..
سديـم بتنساهم وماتدافع عنهم ..
لكن نظره سديم وهي تمشي وراء هناء .. نزلت الدموع بعيونها من جـديد ..
كانت نظره استنجاد .. وخوف .. وحزن .. ونظره مووت ...
كانها توعد ورايحـه للموت ..
دموعها تنزل على خدها وتاشر عليهم وقلبها مفطور ..
: خووواتي ابغـى خوواتي .. مابغااك ابغى ماما مريم وخواتـي ..
رحـاب بشاير فجر شجـن .. انا ابغاكـم ..لاتاخذوا سريري برجـع ..
ماردوا عليها الا بدموعهم وشهقاتهم ..
اقسى لحضـه مروا فيها قلوبهم الصغيره ماكانت تستوعب وتتحمل ..
مر الاسبوع وسديم بحياه ثانيه مو بالدار ..
اطول اسبوع مر عليهم كلهـم بدون استثناء ..
كانوا ينزلوا لغرفه الاكل وماتنمد ايدهم لصحـن .. يصير مليان مثل ماهو ..
وعيونهم معلقه على كرسي سديم ومكانها ..
بحركتها المزعجه الصبيانيه .. وهي تتحرش فيهم كلهم ..
ويرجعوا لاسرتهم بالوقت المحدد بدون تذمـر او مشاكسات ..
يسندوا راسهم على المخـده ودموعها تمليها ..
غياب سديم كان صــدمه ..
صـــدمه كبيره عليهـم ..
حست رحـاب بفرااغ كبير بحياتها ..
تناظر سرير سديم وتتخيلها باي لحضه بتدخل .. بتركض لعندها وتحضنها وتشد شعرها ..
حتى بالفصل والمدرسه.. ماكانت سديم فيـه ..
رحاب كانت كل يوم تصرخ بداخلهــا ..
(( ويـــنها ..؟!..
ويـن جزئي الثاني وكلـــي ..
وين اقرب انسانه لي ..
ابغى أقريها دفتري بعد ماشكي فيه همي ..
وينها تدهن رجل بشاير وتمرخهـا ..
وينها تاكل من صحن شجن لانها مليانه شوي وتبغاها تنحف ..
وينها تتريق على فجر وتعايرها بفمها الكبير اللي على قولتها " بلاااااعـه "
وينها..؟!
وانا احس بحسها بالدار بكل زاويه ومكان .. حتى اللي تكرهم حبيتهم وصرت اناظرهم لانهم من ريحتها ..))
ماقـدرت تتحمل غياب سديم .. ماقدرت تعيش بدونها ..
طلعت من المدرسـه وبدل ماتركب باص الدار ..
ركضـت بالشارع ..
هـربت ..
هـربت من الدااار اللي خيال سديـم فيها ..
ماتقدر تعيش بدون سديم ..
بتهرب وبتدور عليهـا .. بتهرب من الجحيم والسجـن اللي هي فيـه ..
بتدور عليها بالبيت الكبير حق هناء ..
مشـت بالشوارع وتناظر بالبيوت الكبيره والاماكن اللي ماقد شافتها ..
واي بيت كبير شوي يصادفها تحس ان فيـه سديم ..
مشت ومشت .. وماملت ..
مشــت والحماس واللهفه يحركوها ..
اكيـد سديم بتطلع هاللحين ..من وااحد من هالبيوت ..
مشت بمريولها وشنطتها على كتفـها .. وسيقانها الطويلـه ..وهي بسادس ابتدائي ..
دخلت للبقالـه واشترت شي تاكله بمصروفها ..اخذت شيبس وحلوات ..
وكل شي بنفسها وهي مبتسمه ومبسوطه .. احساس غيـر..
غريـب عليهـا ..
لااا ماما مريم ..
ولا نظام ..
ولااا قوانين ..
حـريـه ..
مشت وهي تاكل بالشوكولاته وتناظر السيارة وكل شي حولها بنظره غير .. مختلفـه ..
هـي حـره ..وقريب بتكون مع سديم بالبيت الكبير ..
احلام تداعبها وتخليهـا تبتسم ..
بداء الجو يظلـم ..
والشوارع تفضىء ..
والناس تقل ..
وصوت الاذان يملى الجـو ..
اذان المغرب..
حست بدقات قلبها ترتفع وهي تلتفتت حولهـا ..
ماوصلت لبيت سديم والوقـت ظلم ..
قالت بصوت مرتجف: وينك ياسديم أنا هنا ..؟!
جلست على رصيف وناظرت حولها بخوف ..
ونشوت الهرب ضائعت منها .. وتبدلت لنظره رعـب ..
غرقت عيونها ... ونزلت دموعها ..
ارتجف كل جسمـها ..
تبغى ترجع لدار .. ماتبغى تجلس هنا لوحدها ..
استغربت العجوز من الطفلـه الصغيره بمريولها وتبكـي ..
قربت منها
وهي راميه على ظهرها خرقه كبيره داخلـها اغراض تبيعها عند واحد من المجمعات القريبه ..
قالت بصوتها المرتجف من كبر السن ..: يامـي رواك تبكين ..؟!
ناظرتها رحاب برعب وقفت بسرعه بتهرب ..
بس مسكتها ايد العجوز المغطيه بقفاز " دسوس": وين يامك وين بتروحين .. انتي ضايعـه ..
رحاب هزت راسها لاااا ..وهي تبكـي..
العجوز بحنان : اجل وش فيــك ..؟!
رحاب ماردت عليها وكملت بكـي .. وشهقت بقوه ..
خائيفـه هذي العجوز السمراء مره وش تبي فيها ..؟!
اكيـد بتاكلها مثل الافـلام ..
العجوز بحنان وهي تمسح على شعر رحاب
وتمسح دموعها ..:تهتي عن امـك .. وين اتركت فيه .. امك وش اسمها ..
رحاب بكـت اكثر ..
العجوز لفت نظرها على ضعفه ..
شقارها وبياضهـا ..تنهدت : داريه انك ماتفهمين علي .. بس انا ماعرف عنقريزي ..
رحاب بلعت ريقها اللي حسته جف ..
وقالت بين انفاسها السريعه : مـاعندي ام ..ولا أب .. ولا بيت ..ولااا سديـم ..
العجوز كسرت خاطرها رحاب .. وارتاحت انها سعوديه ..: كيف ماعندتك بيت ولا ام ولا اب..
لااا كلنا عندنا ام واب .. حتى لو زعلنا منهم مانتركهم ونقـ
قاطعتها رحاب بالم : انا مااكذب ماعندي ام .. ولااا أب ..
انا مايحبوني وتركوني عند ماما مريم .. حتى اطلع لك خاتم من امـي تتاكدين ..
العجوز : خلاااص خلاااص ياقلبي لاتعوري قلبك مصدقتك .. تعالي معي وقولي لي وين بيت امك مريم ..
رحاب فركت عيونها : ماما مريم مو امي .. حنا نقولها امي لانها امنا كلنا ..
العجوز : والله يابنيتي مافهمت عليك .. تعالي معي للبيت ومالـك الا طيبة الخاطر ..
رحاب مو بس خافت ..نرعبــــت ..
: لااا ماني برايحه معك لمكان .. انتي بتقطعي ايدي وتشربي دمي ..
العجوز ابتسمت من وراء غطاءها الثقيل : انا فيني حيل امشي علشان اقطع ايدك ..
رحاب التفتت حولها برعب مالها ملجأ الا هالعجوز اللي صوتها طيب بعكس شكلها ..
: قولي والله ماتقطعي ايدي وتشربي دمـي ..
ناظرتها العجوز ..
طويله وشكلها يعطي خامس او سادس ابتدائي ..
لكن تفكيرها منغلق وصغيـرمرره على سنها ..
: والله العظيم ماقرب يمك واخذك لعند ماما مريم ..
رحاب بسرعه وهي تمشي بجنب العجوز : لااااا مابغـى مابغى ارجع هناك ..
ابغى اروح لعند سديـم وبيتهم الكبيــــر ...
العجوز : ومن هذي سديم اللي تحكين عنها كل شوي ..
رحاب بحزن مدت بوزها : اختي .. اخذتها هذيك الطويلـه لعندها ..
ومارضيت تاخذني معها .. حتى بشوره وشجون وفجوره مارضيت تاخذهم ..حنا قلنا لها مانعمل ازعاج ..
وصلوا للحي القديم الفقير .. ودخلت رحاب معها وهي مرعوبه ..
اول مره بحياتها .. تناظر بمكان مثل كذا ..
هم كانوا ببيت كبير كلهم فيه .. متوفره فيه الرفاهيه الشكليه نوعا ما ..
العجوز دخلت رحاب وقفلت الباب ..
رفعت غطاءها وفصخت قفازها ..
كانت بشرتها مجعده كثير ..
وجهها على الرغـم من شدة سماره فيـه نور ..
وابتسامتها محببه لنفس ..تريـح ..
: ادخلي يامـي ارتاحـي ..
رحاب ضلت واقفه وماتحركت من مكانها ..
عيونها تنتقل للبيت بفضول وحزن ..
صاله صغيره بسجاد سماوي ..
ومساند بيضاء منقوشه بالاحمـر على جدرانه المصفره ..
ومصحف مثبت على قاعـده خشبيه ..
ودوشق ملفوف على زاويه ..
وباب صغير من الخشب .. مفتوح وبان الرخام والحلا الاصفر منه .. حمام ..
وقباله فتحه صغيره مفروض مكانها باب بس مخلوع وبينت ارفف المطبخ القديمه ...
العجوز بعد مافصخت عبايتها وبان قميصها الاحمر المطعج .. وفيه نقوط وخطوط بالاصفر والاخضر ..
: حبيبتي تعالي اقربي لاتخافي ..
التفتت رحاب للعجوز وابتسمت على شكلها وبالذات ان الملفع كان متخربط من وراء ..
جلست العجوز عند المصحف وهي تستغفر وتسبح ..
اشرت على مكان بجنبها : تعـالي اجلسي وافصخي شنطتك ..
ترددت رحاب وهي تحط شنطتها عند الباب وتفصخ جزمتها تحطها بجنبها بترتيب ..
متعوده على النظام والقوانين ..: أنتي عائيشه لوحدك ..؟!
العجوز تنهدت ..:ايوه ..كبرت وعلمت وانرميت ..
رحاب : يعني شلون ..؟
العجوز مسحت دمعه خانتها بلمفعها : يعني يابنيتي أرجعي لامك مريم ولاتحجدي معروفهـا ..
رحاب جلست بجنب العجوز : لاتبكيــن بطلـع من هنا وبروح لسديم ..
العجوز : لاااا مو كـذا .. انتي وش اسمـك ..؟!
رحـاب : انا ..؟!..رحـاب ..
العجوز : مشاء الله اسمك حلو ..
رحاب : وانتي ياماما وش اسمك ..؟!
العجوز : ههه ياقلبي .. ماما مره وحده .. انا اسمي مزنه ...وانا مو ماما .. حبيبتي مو أي احد تقول له ماما ..
رحاب : بس انتي كبيره ولازم اناديك ماما ..
العجوز مزنه مسحت على شعر رحاب الناعم : لااا يامي .. انا خاله .. أي مرأه غريبه عنك تقولي لها ماما ...بس امك تقولي لها ماما ..
رحاب جمعت اصابع ايدها لبعض وقالت بقله صبر : انا ماعندي ماما نسيتــي ..
مزنه تنهدت : وين تسكنين ..؟!
رحـاب : اسكن الدار هذيك الكبيره ..
مزنه : دار ...أهااا .. انتي يتيمـه ..
رحاب تكره هالكلمـه .. : لاااا انا ماعندي اب وام مو يتيمـه ماما مريم تقول انتم مو ايتام .. انتم ماعندكم اب وام ..
مزنه ابتسمت : لااا يامـي مو عيب تكونـي يتيمـه .. الرسول عليه الصلاه والسلام .. كـان يتيم ..
رحاب بتفكير ابتسمت : صــح ..
مزنـه : ايوه لاتزعلي أنتي مثل الرسول وصى فيـك لانه يحبك ..
رحاب : يحبنــي .. يعني هو شافنـي ..
ضحكت مزنـه و ضمت رحاب ..: لااا ماشافـك بس هو قال .. انا وكافل اليتيم كهاتيـن ..
شـافت الحضن الدافي عند مزنه ..ضمتها وراعتها ..وكل ماجئت بتبلغ الشرطه علشان ترجعها لدار يعورها قلبها من دموع رحاب اللي رافضه نهائي ترجع لدار .. يا عند سديم .. يا تجلس عندها ..
اخذتهـا معها للبسطه وجلستها بجنبها وعلمتها على كل شي بحب وحنان ..
علمتها كيف تكون قويه بايمانها وتتصبر.. وتكون الى الله اقرب ..
علمتها بامور الحياه وطلعتها من قوقعـه الغباءه اللي دخلتها فيها الدار ..
ورتها العالم من منظور خبرتها الطويله ..والسنوات اللي عاشتها بهالدنيا ...
كبر تفكيرها كثير .. اكبر من عمرها بسنوات ..
عرفت ايش الشرف وكيف تحافظ عليه بقوه وحزم ..لانه اغلى من تملكه ..
ضاعت سنتين من عمر رحاب بدون مايكون لها مستقبل .. أو .. أي اوراق رسميه تثبت وجودها .. او حتى مدرسه تروح لها ..
دخلت بالـخمس تعش ..
و زاد المرض على مزنـه .. حست رحاب بالخوف والجنون يتمكنها .. كيف تمرض لهالدرجـه ..
ممكن تفقد فيها مزنــه ..
كانت تمشي فيها بمستشفيات الحكومه .. مثل الام اللي تركض بولدها .. : امـي تعبانه واللي يرحم والديكم قدموا الموعـد لشهر هـذا ..
الرسيبشن : أسـف .. في كثير قبلها ..
صرخت بين دموعها وهي بالخمس تعش .. وسانده مزنه عليها لزحمـه الكراسي : تكفـى الله يخليلك امـك امي مريم وبتموت .. قلبها مايتحمل ..
الرسيبشن : والله اسف ماقدر ..انتظري دورك ..
قبل لاتنطق رحاب قالت مزنـه بضعف : خلاااص يا رحاب خلاااص ياأمي انا بخير رجعيني للبيت ..
رحاب بحنان وهي تبكي بجنون : كيـف بخير وانتي تعبانه كذا مو قادره تتنفسي ..
شدت مزنـه على أيـد رحاب : ماعليـه ياأمي تعودت بصير احسن بس طلعيني من هنا بنخنق اكثر ...
مسكتها رحاب بظهرها وايدها .. تحاول ترفعها عن الارض ..نفسها ترفعها من الارض وتمشي فيهـا ..للبيت ..
هـذي الام الحنون ..
هـذي الانسانـه ..
هـــذي امـــي ..
هــذي الاميـه .. اللي علمتني اقراء بتجويد القران ..
هذي اللي علمتني اخيط ازرار قميصي ..
هــذي مدرستي وامـي ..
ناظرت مزنـه برحاب .. عندها عيـال كثير وجحدوها ورموها حتى زياره مازاروها .. وهذي البنت اللي ماتقرب لها شي .. بعيده عنها ماعاشت معها الا سنتين .. نفسها ترفعها عن الارض وتزيـح همها ... تخاف عليها من المشي ..
عند بوابه المستشفى قبل لاتمـد رحاب ايدها للباب تدفه مثل مامكتوب على لوحته " ادفـع " .. قبل لاتوصل اصابعها بتطلع .. ارتخت مزنـه بين ايدها ..وطاحت ..
التفتت برعب واللي كانت خايفه منه حصـل : يمــه يمــه ..
نزلت لعندها بسرعه وحاولت ترفعها : يمــــــه ..
مزنه فتحه بسيطه بس بعيونها تقدر تناظر فيه عيون رحاب ودموعها وتسمع صوتها ..
قالت بصوت مرتجف وهي تحس بالجمول باطرافهـا وايدها ترتعـش : رحـ..ـ..ـاب .. بنيتي ..
رحاب رجع الدم لعروقها وماهتمت لتجمع اللي حولها .. والازعاج .. : يمـه قومـي انا مالي غيرك .. يمـه انا عايشه لـك يمـه تكفين ماالي غيرك ..
مزنـه شهقت وتحشرجت روحها..خافـت تموت قبل لاتودع بنتها.. قالت بصوت مكتوم .. : تماضر .. ورقه بداخل المصحف .. روحـي لها ..تماضر يارحاب روحي لها .. لاتنسي اللي وصيتك .. صلاتـك وحجابك وسترك يارحاب .. وامـك .. سامحـيها .. الرسول كان يتيم يارحاب انتي حبيبته وصى عليك ..
رحاب مسكت ايد مزنه وهي تشهق بالبكـي : لاتتركيني انا ماصدقت حصلتك .. الله يخليك – باست ايدها – ابوس أيـد لاتتركيني مالي غيـرك ..
مزنـه: انا معـك يمي .. كنت ابي اموت وانا ساجده .. بس احضنيني يامـي احضنيني .. مثل ماوصانا بالرسول ..- ضمت سبابتها للوسطـى – انا وكافل اليتيم كهاتين ..
ضمتها رحاب بقــوه وهي تتمناها ماتروح ..ارتعش كل جسمها وهي تسمـع صوت مزنـه تتشهـد : اشـ...ـهـ.. ـد ان ... لا.. الـ ..ـه .. الا.. الله ..وان ... محـ..مـد .. رسـ.. ـول اللـ..ـه ..
وسلمت الروح لباريها شاخصة البصـر مبتسمه ..
رحاب دفنت راسها بصدر مزنه لاخر مـره .. وتذوق طعم الفراق والوحده لثانـي مرره ..
قالت بنفس طريقه نطق مزنه لكلمه " امـي"
: يمــي .. يمـــي ..يمـــــــي .. والله انتي امــي ..انتي قطعـه مني ..
رفعوها الممرضات بصعوبه عن مزنه وهي معارضه تبغى تضمـها ...
ليه يحرموها من امها ثاني مره ..
ليـه تنحرم من هالمشاعر بعـد ماحست فيها أول مـره وذاقت حلاوتها ..
كانت قويه بايام العزاء اللي ماحضروه الا جيران مزنـه وحريم الجمعيـه الخيريه ..
قويـه مثل ماعلمتها مزنـه على الصبـر والتحمل وانا هـذا قضاء الله وقدره ..
جلست ثالث يوم بايام العزاء ..
بالبيت الصغير لوحـدها ..
رفعت ملابـس مزنـه وضمتها .. وبكـت ..
ريحة جسمها النظيف ..
تريحها .. تحسسها بوجودهـا ..معها ..
ناظرت بمصحف مزنـه وتذكرت حكيهـا بالمستشفى ..
تماضر ..؟!
من هـذي تماضر وش هالوصاه اللي توصيها ..
فتحت على سوره البقره اللي تقرائها دايم حصلت ورقه بيضاء .. وفتحتها ..
فيها اسـم تماضر و رقـمها ..
لبست عبايتها وطلعت من البيت .. وصية ولازم تنفذها ..
وقفت عند كبينت تلفون ..
اخذت السماعه ودقت على الرقـم ..
بعد اكثر من دقتين جاء لها صوت مرتفع شوي : الو خير ..
بلعت ريقها واضح ان المعامله رايحـه فيها ..: السـلام عليكم ..
وضح الصوت باستغراب : وعليكم السلام ..
رحاب بتردد : موجوده تماضر ..
: انا تماضر من معـي ..؟!
رحاب : انا رحاب من طرف مـ
قاطعها صوت يرحب ويهلي : هلااا رحااب وينك .. توقعتك تدقـي اول يوم من العزاء ..
رحاب بلعت ريقها وريحها استقبال المراءه ..: مافضيت ياخاله ..
تماضر : انتي وين هاللحين .. ؟!
رحاب ناظرت حولها : انا قريب من البيت ..
تماضر : اسمعي ارجعـي للبيت واجلسي فيه لاتطلعـي لحـد ماجي لك ..
.
.
.
.
صحـت من غمرت ذكرياتها على هزت ام حمزه لكتفهـا ..: رحـاب .. رحـاب فيتس شي ..
قفزت مثل المفزوعـه ..: ها ايش فيـه ..؟!
ام حمزه : لاااا حالتس صعبه وش فيتس وين رحتي ..؟!
ناظرت رحاب ساعتها من لساعه ثمانتيه لهاللحين مسرحـه ..
ام حمزه بعصبيه : ماهي بحاله ذي كل يومين اجي واشوفتس مسرحـه بيضيع حلالي على كـذا ..
تاففت رحاب : وش اعملك ماسرح شوي الا انتي ناطـه بوجهـي ..
ام حمزه : اقوولتس نصيحـه لاتحلمي كثير .. ترى احلامتس بتضيعتس ..
رحاب تنهدت : لااا أرتــاحي انا ماحلم ..ولأفكـر احلم حتى ..الا انتي وش مجيبك هنا ..؟!
أم حمزه : عندي أغراض ناقصـه بالبيت وبشتري .. والحمدلله اني مريت اشوفتس ..
رحاب تحمست : أغراض .. أغراض ايش ..؟!..خـذيني معتس وربي طفشانـه ..
ام حمزه رفعت ايدها وقالت باستنكـار : لاااا لااا ياقلبي خليتس مكانتس أزين ..
رحاب طفى حماسها ومدت بوزهـا .. نفسهـا تروح تتسوق مثل ماهي تناظر بخلق الله يتسوقون ..: زيـن جوعانه بروح للبيت اكل لي شي ..
ام حمزه : خذيلتس خمسه من الدراهم واشتري لتس شي ..
رحاب اكتمت ضحكتها ..واخيـــرا ..
بسرعـه قامت لعند البوفيـه اشترت الفلافل اللي نفسها فيـه مع البيبسي ..
ياحلـو طعم الشي بالفـم اذا كنت حاس بقيمتــه ..
اكلته بتلذذ فضيـع ..
.. |